By / 22 يناير، 2022

إتقان المسلمين لفنون القتال وعلوم الحرب..المبارزة

صهيب مقداد

 

جمع الله العرب تحت راية الإسلام بعد أن كانوا قبائل متفرقة، يغزوا بعضهم بعضا، ومن نتيجة اجتماعهم تحويل الفروسية العربية والمروءة من الغزو لأجل القبيلة والغنيمة إلى الغزو لأجل كلمة: لا إله إلا الله. 

 

ثم إن العرب برجالها وفرسانها امتلكت مقومات العزة والأنفة والذكاء والدهاء الحربي، كما اشتهر منهم خالد بن الوليد رضي الله عنه وعكرمة وعلي والمثنى والقعقاع والمقداد وقتيبة وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ومن التابعين وتابيعهم بإحسان. 

 

فجمع الله هذه النخبة التي كان لكل منهم صفة من الصفات المؤدية إلى ملكهم الأرض إذا ما اجتمعوا إلى هدف نبيل ودفعهم الحق إلى الطريق الصواب، فمنهم من عرف عنه دهاءه في الحرب كخالد بن الوليد الذي قيل فيه: أناة القط ووثوبة الأسد. 

والقعقاع رجل بألف رجل، وعمرو بن العاص أحد دهاة العرب الأربعة، ومعاوية الحليم الذي لا يضع سيفه مكان كلمته ولا كلمته مكان سيفه، وقد بلغنا ما بلغنا من قصصهم وحروبهم مما يزيل عن أذهاننا العجب، كيف أن زمرة من العرب غلبت الفرس والروم أعتى وأقوى إمبراطوريتان في ذلك الزمن.. 

 

إن أخبارهم في المعارك وعلومهم في القتال والكر والفر، يجعلنا نميل إلى أن العرب كانوا أخبر من الروم والفرس في فنون القتال وأصبر في وقت الشدة وأعلم في موضع الحكمة ولهم عِلم عظيم في دهاليز النفس البشرية وقت الحرب وما يعتليها من الخوف أو الشجاعة وما يدفعها نحو إحداهما. 

 

دفع العيش بالصحراء العرب وقبائلهم إلى تربية الجيل بعد الجيل على الحيطة والحذر وعلى تنمية منبهات الخطر، فالعربي يسير في صحراء فيها من الصعاليك وقطاع الطرق والغزوات التي لا تنقطع، وهذا ما لم يتوفر في أهل المدن من فارس والروم ممن أغرقهم الترف والإستبداد وأغفلتهم الأموال والقصور ورفعوا أنوفهم على أنهم أعز أهل الأرض والأعلى شأنًا من العرب في شبه جزيرتهم الصحراوية، في حين كان العربي يكبر على الفروسية وركوب الخيل والمصارعة وتحمل الصحراء بشمسها وحرّها وشقائها. 

 

فتفوق العرب على الفرس الروم، في مواضع شتى، “كالمبارزة”

ويظهر التفوق الجسدي والخبرة في القتال الفردي بشكل كبير من خلال المبارزة الفردية التي كانت تبدأ قبل الحرب بين الجيشين، فيخرج في المبارزة الفردية أشد الفرسان ضراوة من الفريقين المتحاربين، ليقف فارس مقابل فارس دون الجيش ومن غَلب قَتل ومن غُلِب قُتل، ومن شواهد المبارزة الفردية: 

 

*معركة القادسية:

 

-قتل ربيعة بن بن عثمان(من قبيلة هوازن) أحد أشداء الفرس في قتال شديد، فكان أول قتيل من الفرس في أرض القادسية. 

 

-تقدم غالب بن عبدالله لمبارزة هرمز الذي كان ملك منطقة الباب في فارس، فتقله غالب وسلبه تاجه. 

 

-ثم تقدم عمرو بن معد يكرب، فرماه أحد الفرس بسهم ليسقط على الأرض، ثم قام متوجه إليه، فحمله من فوق فرسه وعاد به نحو جيش المسلمين وألقاه على الأرض ثم ضربه بسيفه فقطع رأسه وأخذها إلى ناحية الفرس ورماها أمامهم. 

 

-ولم يتمكن عاصم بن عمرو من قتل الفارسي الذي تقدم له؛ لأن الأخيرة هرب تاركًا فرسه فأغتنم عاصم الفرس. 

 

في اليوم الثاني من القادسية وصل القعقاع إلى أرض المعركة بمدد من الجيش قوامه ٦ آلاف مقاتل فطلب المبارزة ليخرج له بهمن جاذويه وكان قائد قلب الفرس، فتله القعقاع وحتى يرفع رستم الفارسي من معنويات جيشه بعد كم الهزائم والمبارزات التي قتل فيها خيرة فرسانهم، أخرج للقعقاع البيرزان(قائد مؤخرة الفرس) وهو أحد القادة العظام الخمسة الذين هم تحت أمرة رستم بشكل مباشر، ولكن القعقاع قتل البيرزان أيضًا، ليطلب القعقاع بعدها المبارزة ٣٠ مرة فقتل من جيش الفرس ٣٠ فارس. 

 

*معركة اليرموك: 

 

-في معركة اليرموك قتل عبدالرحمن بن أبي بكر لوحده خمسة من قادة الروم في المبارزة، مما اضطر القائد الروماني ماهان، لبدء المعركة خوفًا على معنويات جيشه. 

 

وقتل البراء بن مالك-رضي الله عنه- يوم فتح تستر مائة من المشركين بالمبارزة.


Be the first to write a comment.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *