تحدثنا سابقًا عن تقسيم مراحل التربية العقدية إلى أربعة مراحل تربوية:
الأولى:مرحلة ما قبل الميلاد
الثانية: مرحلة المهد
الثالثة: مرحلة الطفولة المبكر
الرابعة:مرحلة الطفولة المتأخرة
وفصلنا الحديث في المقال السابق عن المرحلتين الأولى والثانية . واليوم نستعين الله في الحديث عن المرحلة الثالثة : مرحلة الطفولة المبكرة .
وهذه المرحلة تمتد من سن سنتين بعد الفطام وحتى سن ست سنوات؛ وهي المرحلة التي تسبق التحاق الطفل بالمدرسة.
ويطلق على هذه المرحلة مرحلة التطبيق؛ حيث يسمح نمو الطفل الجسماني الآن بالحركة والمشي والإمساك بالأشياء والركض. كما أن إمكانياته العقلية الآن تسمح له بالكلام والإدراك والفهم. وهذا مميا يسهل عملية غرس القيم.
ينضج خيال الطفل كثيرًا في هذه المرحلة مايجعلها بمتياز مرحلة الأسئلة؛ فتكثر أسئلة الطفل في محاولة لفهم العالم الذي يزداد اتساعًا أمامه عن عالمه وهو رضيع.
وتتميز هذه المرحلة في جانبهاالنفسي بكثرة الانفعالات؛ فسريعًا ما تتغير الحالة النفسية للطفل فيضحك ثم يبكي ويغضب؛ وهذا يتطلب من المربي رحمة بالصغير الذي يختبر الحياة ولم تنضج مشاعره بعد فيتقلب بين نوبات غضب أو ضحك . وقدكان نبينا صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالأطفال.
وعلى الصعيد الاجتماعي نجد أن الطفل أصبح اجتماعيًا يتواصل بسهولة مع أفراد عائلته كما أنه يبدأ في تكوين صداقات قصيرة المدى ولكنها تشي باتساع دائرته الاجتماعية.
ولذا تزداد حصيلة الطفل اللغوية . وهنا ننبه على المربي الالتفات إلى فلتات لسانه وحديثه فالطفل يقلد ويكرر ما يسمعه.
ويحسن أن نفصل فيما بقي من سلسلتنا الحديث عن هذه المراحل الأربع
نبدأ بالمرحلة الأولى: مرحلة ما قبل الميلاد
والتي تبدأ باكرًا مع اختيار الزوج والزوجة وتكوين المحضن الذي سيتربى فيه غرسنا. والدين يجب أن يكون معيارًا محوريًا عند اختيار الزوجين-إلى جانب غيره من المعايير كالتكافوء الاجتماعي والثقافي وغيرهما- فالطفل كالنبتة تحتاج أن نهيء لها بيئة صالحة تنمو فيها..تحتاج قدوة طيبة من والد مصلٍ ووالدة متسترة ترضعه مع لبنها عزة الإسلام ومحبة الله ورسوله.
والجنين في بطن أمه يسمع الأصوات حوله ويميز منهم صوت أمه, ولذا يحسن أن تعتاد الأم قراءة القرآن لطفلها وهو بعد جنين ليعتاد سماع كلام الله ويأنس به في ظلمة الرحم.
ونذكر الأمهات في فترة الحمل الشاقة بالاحتساب والصبر على ألم الحمل وإرهاقه, كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم”في بضع أحدكم صدقة.”
ونذكر الآباء بأهمية مراعاة الحالة النفسية للأم وقد أمر الإسلام بحسن العشرة وضمن رزق المولود في بطن أمه وجعله مسؤولية الزوج.
وبعد الميلاد مباشرة يستحب التأذين في أذن الطفل ليكون أول ما يقرع سمعه تكبير الله و شهادة الحق…كما يجب أن تحرص الأم على رقية الطفل بالأوراد والرقى المسنونة .
وليكن دعاءنا دائمًا وأبدًا ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا))
المرحلة الثانية:مرحلة المهد:
وفيها يخرج الطفل من بيئة الرحم إلى بيئة خارجية مفتوحة يصير مطالبًا فيها بالاستجابة للمثيرات حوله من ضوء وأصوات وأياد كثيرة تمتد إليه وتهدهده. وكذا يجد نفسه محتاجًا للتعبير عن احتياجاته من طعام وشراب وتنظيف, مما لم يكن محتاجًا إليه في الرحم.
والغرس العقدي في هذه المرحلة يمكن تلخيصه فيما يلي:
1- الدعاء سلاح المؤمن..لا تغفلي أيتها الأم عن الدعاء..أكثري من الدعاء له بالهداية والصلاح واطلبي من الله أن يعينك على رعايته وتنشئته كما يحب ويرضى.
2- تعويذ الرضيع ورقيته (أعيذك بكلمات الله التامة, من كل شيطان وهامة, وكل عين لامة) .
3-اقرأي له القرآن ..بعد أن اعتاد صوتك يقرأ له وهو بعد جنين عوديه على قراءة الفاتحة والمعوذات وهو يرضع.
4-في سياق تعويد الطفل على روتين ثابت للنوم, يمكن الاعتماد على الأذكار ..اقرأي له أذكار النوم وسورة الملك عندما تضعينه في فراشه..قومي بتلاوة أذكار الاستيقاظ من النوم عندما تتفتح عينه بعد نومه..عوديه أنك تكررين دائمًا أذكار الطعام والفراغ منه عندإطعامه.
5- الرضيع ليس دمية..الرضيع يسجل ,ويراقب ويخزن ..تجدينه بعد أن يتعلم الكلام يعرف اسمه وأسماء أفراد العائلة..خزنهم في ذاكرته خلال مرحلة المهد..ولذلك لم يخطيء من قال أن أبناؤنا يربوننا..نجد أنفسنا نضبط ألسنتنا وتعابير وجهنا حتى لا يلتقط أحهم عبارة مسيئة أو كلمة بذيئة
6- لقنيه كلمة التوحيد حافظي على تكرارها وأنت تهديدينه كما قال النخعي : ( كانوا يستحبون أول ما يفصح أن يعلموه لا إله إلا الله فيكون ذلك أول ما يتكلم به)
7- لا بأس إن بدأت الأم في هذه المرحلة بإلقاء بعض الأناشيد والقصص على الطفل التي تساعدها في ترسيخ التوحيد ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم.
Be the first to write a comment.