أقرت الدولة في بورما عددا من القوانين المثيرة للجدل تظهر اضطهادًا واضحًا للمسلمين هناك وذلك من ضمن خططها في القضاء على الأقلية المسلمة بها، وحتى تتمكن من تنفيذ جرائمها بحق المسلمين، ومن بين تلك القوانين:
– يمنع أي شخص دون سن 18 عامًا من التحول إلى دين آخر، ويلزم البالغ الذي يسعى لتغيير ديانته بالحصول على تصريح من الدولة بذلك.
– وضعت قوانين لتقييد الزواج بين أتباع الديانات، حيث يتطلب الزواج تصريحًا رسميًا من الحكومة، ومن يضبط متزوجًا دون هذا التصريح يتم سجنه وتغريمه غرامة مالية ضخمة.
– أما الراغبون في الزواج من دينين مختلفين فعليهم تسجيل اعتزامهم الزواج لدى السلطات المحلية التي بدورها تنشر إشعارًا عامًا عن الخطبة، وإن لم يعترض أي مواطن عليه يتم الزواج.
-وضعت قوانين أخرى لتحديد النسل وسن الزواج وغيرها تحرم المرأة المطلقة أو الأرملة من الزواج، وتمنع تعدد الزوجات.
– كما وضعت قوانين لمنع المسلمين من الترشح للانتخابات البرلمانية، حيث منعت اللجنة العليا للانتخابات بميانمار نائب مسلم يدعى “شوي مونغ” من الترشح عن ولاية أراكان بزعم عدم امتلاك عائلته للجنسية الميانمارية، رغم أنه انتخب سابقا في 2010 ورغم تأكيده أن والداه حصلا على الجنسية في العام 1957.
– اقترحت قوانين غيرها من شأنها أن تزيد تهميش الشعائر الإسلامية أكثر، كمطالبات البوذيين بمنع المسلمات المحجبات من الذهاب إلى المدارس، أو حظر النقاب بالمؤسسات الرسمية، ومنع المسلمين من ذبح الأضاحي في عيدهم.
– الحكومة الميانمارية تعتبر مسلمي الروهينغا دخلاء ولا تعتبرهم عرقية أصيلة في البلاد، فتمنحهم بطاقات خضراء بدل الهوية الوطنية صالحة مدة عامين فقط كتب عليها أن حملها لا يعني المواطنة، وأنه يمكن أن يخضع للتحقيق في هويته، ومن لا يحملها مهدد بالطرد كما يمنع من التنقل بين الأحياء والقرى المجاورة.
-كما أن البطاقات الخضراء تساعد الدولة أكثر في اتخاذ قوانين وإجراءات خاصة مع حامليها الذين لم تمنحهم الدولة إياها إلا بعد ضغوطات دولية لاسيما بعد أزمة النزوح الجماعي عبر البحر .
نزوح يعقبه موت
عكف عشرات الآلاف من مسلمي الروهينجا على ترك منازلهم، والهجرة إلى دول مجاورة هربًا من الاضطهاد وأعمال العنف والعنصرية وذلك على مدار عشرات السنوات، ففي عام 1962 هاجر نحو 300 ألف مسلم روهينجي إلى بنجلاديش، أعقبهم نحو 500 ألف في عام 1978 وفي رحلة الهرب من الموت تلك نتج عنها موت قرابة 40 ألفًا من المهجّرين.
وفي عام 1988 هاجر 150 ألفًا غيرهم، تلاهم 500 ألف آخرين هاجروا في العام 1991، مشى خلالها النازحون في المستنقعات وبحيرات طينية وركبوا مراكب صغيرة بالية قد تنتهي بهم للموت.
وتتم هجرة الروهينجا إلى الدول المجاورة، وتكون دولة ماليزيا قبلة رحلات المهجّرين بشكل أساسي وذلك عن طريق البحر بواسطة زوارق متهالكة مكتظة بالأعداد، وقد تزايدت رحلات الهجرة في الفترة الأخيرة بعد تسرب معلومات عن خطة أعدتها اللحكومة لإرغامهم على العيش في مخيمات.
وتسببت حملات النزوح الجماعية في وقوع الآلاف كضحية لتجار البشر، فيفر مسلمو الروهينجا من الاضطهاد في ميانمار ليقعوا في أيدي المتاجرين في رحلاتهم والمبتزين لهم، فيعانون من الإساءة والابتزاز والجوع، من أجل أن يبقوا على قيد الحياه.
وإذا لم يستيطعوا دفع باقي ثمن الرحلة التي تكلف آلاف الدولارات يقوم المهربون ببيعهم أحيانًا في سوق أشبه بالنخاسة وأعمال السخرة ، كما أن كثيرًا ما يتم اغتصاب النساء، ومن ينج من تلك الرحلة يكن قد تعرض للضرب والإهانة والتعذيب.
وقد يتركهم المهربون عالقين وسط البحر حتى يلقوا حتفهم، وتشير تقديرات إلى وفاة أكثر من 1000 نازح غرقًا خلال تلك الرحلات غير المؤمنة، كما يمكن أن يتركوهم ليواجهوا الموت على البر أو يقتلوهم لبيع أعضائهم ويدفنوهم في مقابر جماعية بالغابات.
وأعلنت ماليزيا مؤخرًا عن اكتشافها لنحو 139 مقبرة جماعية بداخل مخيمات لتهريب البشر قرب الحدود مع تايلند، ورجحت أن الجثث لمهاجرين من مسلمي الروهينجا.
مخاوف من تفشي كورونا
حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية، المعنية بالدفاع عن الحقوق والحريات، من خطورة تفشي فيروس كورونا على حياة مسلمي أراكان الموجودين في معسكرات بميانمار، وذلك عبر تقرير لها صدر في أبريل الماضي.
وأشارت المنظمة إلى أن أوضاع المعسكرات التي تعاني من كثافات كبيرة، ولا تطبق فيها معايير النظافة، ولا توجد فيها مساحات تسمح بالحركة، تجعل اللاجئين عرضة للإصابة السريعة بفيروس كورونا حال إصابة أحد الأشخاص به.
ولفت التقرير إلى أن 40 شخصًا في تلك المعسكرات يستخدمون المرحاض نفسه، وأن 600 منهم يستخدمون الصنبور ذاته، مشيرا إلى أن الكثافة المرتفعة بتلك المخيمات تجعل من الصعب اتخاذ المسافة الشخصية بين النزلاء.
ولفت التقرير إلى تعمد السلطات في ميانمار تقييد حرية سفر اللاجئين، مشددا على أن 350 ألف شخص تقريبًا باتوا على أعتاب كارثة صحية، موضحًا أن اللاجئين لا تجرى لهم اختبارات الكشف عن الفيروس.
وطالب التقرير حكومة ميانمار برفع القيود المفروضة على مسلمي أراكان، وتخصيص مساحات لهم تسمح باتخاذ المسافات المطلوبة بين اللاجئين لمنع انتقال الفيروس.
يأتي هذا في الوقت الذي ترى فيه منظمة الصحة العالمية، النظام الصحي في ميانمار أحد أكثر الأنظمة غير الملائمة حول العالم.
Be the first to write a comment.