كان تيوفيل إمبراطور بيزنطية قد انتهز فرصة انشغال المعتصم بالقضاء على بابك الخرمي، فخرَج على رأس مائة ألف جندي أغار بهم على مدينة زبطرة وأحرَقها وأسر من فيها من المسلمين، وأسر العديد من النساء.
فنادت إحدى النساء: “وا معتصماه، وا معتصماه”، فلما علم المعتصم أقسم على رد العدوان، فسأل عن أعزِّ مدن الروم، فقيل له: عموريَّة، فعزم على المسير إليها ودكِّها.
قام المُعتصم بتقسيم جيشه لعدة فِرَق، جعل على كل واحدة منها قائدًا من خيرة قوَّاده، فكان على مقدِّمة جيشه أشناش التركي، وعلى ميمنته إيتاخ التركي، وعلى المَيسرة جعفر بن دينار، وعلى الساقة بغا الكبير، وعلى القلب عجيف.
ثم أمر قُواده بغزو بلاد الروم من ثلاث جهات، وسيَّر أمامه قائده “الأفشين” لكي يفتح الطريق أمام الجيش، وأمره بالاتجاه إلى أنقرة ففتحها المسلمون.
دخل المعتصم وجيشه مدينة عمورية وخرج المسلمين الذين اختبأوا من جيش الروم، وهم يكبرون ويهلِّلون، وهنا تقهقر الروم فقام المسلمون بقتل من تبقى منهم بالمدينة، وكان “مناطس” نائب الروم قد اختبأ في حصن منيع، فاتجه إليه المعتصم بفرسه، وقام بنصب السلالم على الحصن وصعد الجنود لإنزاله من الحصن، فقام المعتصم بضربه بالسوط على رأسه، وهكذا سقطت عمورية، بعد حصار دام خمسة وخمسين يوماً، من السادس من رمضان إلى أواخر شوال.
بعد سقوط عمورية قام المسلمون بأسر الجند الروم الباقية، ومبادلتهم بالأسرى المسلمين، ثم أمر المعتصم بإحراق وهدم المدينة، التي تعد أهم معاقل الروم، وجاء ببابها الرئيسي إلى سامراء، وكان انتصار المسلمين في عمورية انتقاما من الروم الذين قاموا بقتل الأطفال وسبي النساء في زبطرة، وتلبية لاستغاثة أهالي عمورية من وحشية الروم، وكان لدخول عمورية شأن كبير ساهم في الفتوحات الإسلامية في شرق أوروبا.
Be the first to write a comment.