على مدى التاريخ لم تكن اليمن خالية من الصراع السياسي منذ الثورة ضد المملكة المتوكلية اليمنية شمال اليمن عام 1962، وذلك نتيجة لأن النظام السائد يعد قبليًا، بالإضافة إلى السلاح المنتشرالذي أوجد نوعًا من الاكتفاء الأمني لهذه القبائل بعيداً عن مؤسسات الدولة.
وعندما هبت رياح الربيع العربي في المنطقة العربية، كان لليمن نصيبٌ فيها، فكما في تونس ومصر، كان التنديد بالبطالة والفساد الحكومي أبرز دوافع الثورة اليمنية لتثور على رئيسها علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن لمدة 33 سنة، استأثر خلالها أقاربه وأبناء منطقته بمناصب مهمة وحساسة في الدولة.
بدأت شرارة الثورة في يناير بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي في تونس، وخرج ما يقارب 16000 متظاهر فى 27 يناير2011م؛ تنديدًا بالأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد، ولكنها اندلعت في صنعاء وفي محافظات يمنية أخرى في الحادي عشر من فبراير 2011.
استبقها صالح تلك التظاهرات بتقديم تنازلات كبيرة للمعارضة، حيث أعلن فى 2 فبراير أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة، ولن يورث الحكم لابنه أحمد، لكن فى اليوم نفسه تظاهر أكثر من 20000 شخص في الميادين العامة بصنعاء وباقي المحافظات، مطالبين هذه المرة برحيل صالح.
خرج اليمنيون من كل حَدَب وصَوب، يُنادون بإسقاط نظام علي عبدالله صالح؛ وقدموا ثمنًا لذلك، المئات من القتلى والجرحى على أيدي قواته؛ التي راحت تستخدم القوة ضد المتظاهرين، في صنعاء وعدن وتعز والبيضاء، وعدة محافظات أخرى.
وفي شهر مارس قتل نحو 100 من المتظاهرين بعد أن أطلقت عليهم قوات صالح النار، وأصيب المئات؛ واستمر المتظاهرون في صمودهم أمام نيران صالح، وكان وقتها الأحزاب المنافسة لحزب صالح هي من تقود هذه التظاهرات، كحزب الإصلاح (الإخوان المسلمون في اليمن) والحزب الناصري والحزب الاشتراكي.
دعوة للحوار
بعد أسابيع من المظاهرات شهد مطلع شهر أبريل، توجيه وزراء مجلس التعاون الخليجي، دعوة للرئيس اليمني ومعارضيه، لإقامة حوار بالسعودية، وأفضت اللقاءات إلى أربع مبادرات بشأن اليمن، ظلت تتطور تباعًا، حتى عُرِضَت أول مبادرة، في الثالث من أبريل لعام 2011.
حددت المبادرة الخليجية، خريطة طريق لمرحلة الانتقال السياسي في اليمن، كانت أبرز نقاطها: إعلان تنحي صالح ونقل صلاحياته إلى نائبه، وإصدار قانون الحصانة للرئيس المُتنحي، تقيه الملاحقة القضائية هو ورموز نظامه، وتشكيل حكومة وفاق وطني، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، يُنتخب فيها رئيسًا توافقيًا لمدة عامين فقط، وتحقيق المصالحة الوطنية، وصياغة دستور جديد للبلاد.
انسحبت قطر من المبادرة، ودعت قطر “صالح” إلى التنحي فورًا، وانسحب القطريون من المفاوضات معلنين أن علي عبدالله صالح يماطل في توقيع المبادرة الخليجية.
في 3 يونيو 2011م تم تفجير مسجد الرئاسة ومحاولة اغتيال صالح، ولكنه نجا من الموت وتوجه إلى السعودية لتلقي العلاج، وبعد تماثله للشفاء وقع على المبادرة الخليجية، وكان من أبرز ما نصت عليه، تفويض سلطاته إلى نائبه، الفريق عبدربه منصور.
الفريق عبدربه منصور هادي، حينها كان قد تولى منصب نائب الرئيس اليمني لمدة جاوزت الـ 16 عامًا، لكن كانت صلاحياته محدودة حينها؛ وصالح الذي حكم البلاد بقبضة من حديد طوال فترة حكمه، كان هو الشخص البارز والمُهَيمن على المشهد السياسي.
انتخاب هادي
في فبراير عام 2012، توجه اليمنيون، إلى صناديق الاقتراع للتصويت لـ هادي، كرئيس جديد للبلاد، خلفًا، لـ علي عبدالله صالح، وتم انتخابه بنسبة تصل إلى 99 بالمئة من الأصوات، في انتخابات كان فيها المرشح الوحيد، أما صالح فقد تمتع وعائلته بالحصانة من أي ملاحقات قضائية في المستقبل.
بموجب اتفاقية الانتقال السياسي، عُقِد مؤتمر الحوار الوطني، في مارس 2013، واستمر عدة أشهر، وذلك بمشاركة الأطراف اليمنية المختلفة، وفي يناير 2014 تضمنت وثيقة مؤتمر الحوار عدة قرارات متعلقة بأسس بناء الجيش والأمن وغيرها.
بالموازاة مع ذلك، سيطر الحوثيون على عدة محافظات، وحاصروا صنعاء مُعتصمين فيها بالخيام، بدءاً من الثامن عشر من أغسطس، وأحكموا عليها قبضتهم بالسلاح، في الحادي والعشرين من سبتمبر.
مخطط الحوثيين للاستيلاء على اليمن
ظهر الحوثيون من قبل الثورة اليمنية بأعوام وتمت محاربتهم من الدولة من 2004 حتى 2008م قتل فيها زعيمهم، وبعد الثورة بدأت الحركة في الانتشار والتوسع، فبعد انهيار الدولة وتوقيع المبادرة الخليجية وتسليم السلطة إلى نائب الرئيس عبدربه منصور هادي، قاموا بالسيطرة على محافظة صعدة، وبدأوا في التوسع نحو محافظة الجوف المجاورة لها، وقاموا بتنظيم عرض لإيصال رسالة تهديد إلى السعودية.
وبعد توقيع القوى السياسية في اليمن-دون الحوثيون- على المبادرة الخليجية، انتهج الحوثيون سياسة المعارضة للحكومة؛ مما أسهم في زيادة شعبيتهم في اليمن؛ بعدها قرر الحوثيون المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني مارس 2013م، وساند الحوثيون الحراك الجنوبي ورفضوا مشروع الدولة الاتحادية ذات الستة أقاليم.
لم يتجه الحوثيون نحو إقامة أي تحالفات داخلية، غير أن هناك بعض التقارير والأخبار عن تحالف بين الجماعة والرئيس السابق علي عبدالله صالح منذ اندلاع الحرب فى محافظة عمران بين الجماعة وخصومهم السياسيين فى حزب التجمع اليمني للإصلاح، ونتج عن ذلك التحالف سيطرة الحوثيين على محافظة عمران، والعاصمة اليمنية صنعاء؛ لتحقيق مصالح مشتركة للطرفين، فأسسوا تحالفًا يسمى “أنصار الثورة الشبابية”.
بعد سيطرة الحوثيين بدعم من إيران لمحافظتي صعدة وعمران، اقتحموا فى 21 سبتمبر 2014م مقر الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان التابعة لحزب الإصلاح، وسيطروا على مؤسسات أمنية ومعسكرات ووزارات حكومية ومنشآت مهمة وسط العاصمة، واقتحموا قصور بعض قيادات الأحزاب، وجرى بعدها التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية بين الحوثيين والقوى السياسية.
اقتحم الحوثيون مقر القصر الجمهوري، وأرغموا الرئيس عبدربه منصور هادي على الاستقالة وحاولوا تمريرها عبر انعقاد مجلس النواب لقبول الاستقالة، إلا أن مجلس النواب لم يستجب لرغباتهم، هرب هادي إلى عدن، ومنها إلى السعودية، بينما اعتقل الحوثيون زير الدفاع، وأعلنوا للمرة الأولى التحالف مع صالح.
بعد تسليم صالح للسلطة أسهمت قوات من الحرس الجمهوري السابق في القتال مع الحوثيين، ورفضوا أوامر القادة العسكريين الموالين للرئيس هادي حتى استطاع الحوثيون احتلال صنعاء.
أحست السعودية ودول أخرى إقليمية بالخطر على أمنها القومي بعد هذا التطور السياسي وهروب هادي إلى السعودية، فتم تشكيل تحالف دولي لحماية أمنهم القومي والقضاء على الحوثيين في عمليات عسكرية أطلق عليها اسم “عاصفة الحزم” المتمثلة في غارات جوية ضدهم.
Be the first to write a comment.