By / 19 مارس، 2022

الحرب الفكرية| هدم المنظومة التعليمية

قطع الصلة بين الجيل الحاضر وجيل السلف.

 

شن أعداء الأمة حملة منذ القدم علي المجتمعات الإسلامية لقطع الصلة بين الجيل الحديث وجيل النهضة، واقنعوا الجيل الحديث أنهم في تخلف منذ أن ارتبط بالدين وأنسوهم أنه عندما كانت أوروبا في عصورها المظلمة، كان المسلمون في قمة هرم التطور، ولم يخبروهم أن أوروبا عندما أرادة النهوض من التخلف الثقافي والحضاري تتلمذت على أيادي المسلمين، وعندما بدأوا يتقدمون بدأوا أيضا بزرع الانحطاط الأخلاقي والافكار الهدامة في المجتمع المسلم، حتى وصلوا إلى أقصى درجات التقدم، ووصلنا إلى حالة مزرية من الانحطاط الفكري؛ بسبب انعدام الاخلاق التي هي حلقة الوصل بين التلميذ والمعلم ناهيك عن الأفلام والمسرحيات التي تسخر من المعلم وتبين أن التلميذ الفاشل المشاغب هو بطل الفلم والمسرحية حتى تجرأ الطالب على المعلم فنهار المجتمع، وإن سألتم أين دور المصلحين والعلماء من هذه الاحداث؟ أقول: إن الضغط عليهم كان كبير جدا سواء كان من الإعلام أو صحاب المصالح ……الخ، ولا شك أن هذا قد أثر على عملهم كثيرا، ولكنهم بذلوا مجهود يشكروا عليه إلا أنه لا يكفي.

 

الدولة الإسلامية مبنية على أساس علمي.

 

جاء رسول الله ﷺ في مجتمع أمي لم يكن له حضارة، وكان الجهل متفشيا فيه، فبدأ رسول الله ﷺ بتهيئة كل من يستجيب له؛ حتى يصل في النهاية إلى جيل يمكنه إقامة حضارة، وأول ما بدأ به ﷺ هو الجانب العلمي؛ لأن الحضارة لا تقوم بشعب مغيب فكرياً ومتخلف علميا، لذلك نجد أن أول سورة نزلت هي سورة العلق تدل على أن هذه الأمة مبنيه على أساس علمي وليست أمة متحجرة تتبع الخرافات، فأول خمس آيات من القرآن تدل على ضرورة التعلم قال ربنا -عز وجل- «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ*عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ » [سورة: العلق]، وصدق الدكتور راغب السرجاني حين قال: “لا شك أن الصحابة رضوان الله عليهم فقهوا معني أن تكون أول آيات القران تدل علي العلم”.

 

وما فعله رسول الله ﷺ بأسرى بدر الذين لم يَفتدوا أنفسهم خير شاهد على اهتمام الدين بالجانب العلمي، أمر رسول الله ﷺ من أراد أن يفتدي نفسه فيجب عليه تعليم الكتابة لمن لم يتعلمها، وهذا من حرصه الشديد على بناء جيل مثقف لا ينخدع، فهو من قال ﷺ: ( فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِد) { رواه الترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن عباس }؛ لأن الذي لا يفقه الشيء الذي يعمله لا يمكن أن يصل إلى النتيجة المطلوبة، بل قد يكون ضرره أكثر من نفعه أما الفقيه فقد لا يقع في الضرر مطلقا.

 

وقد خلف لنا الجيل الأول هذا الأثر المتميز لنعلم مدى حرصهم على التعلم والاجتهاد في طلب العلم، روى الترمذي بسنده عن زيد بن ثابت قال: “أمرنِي رَسُولُ الله ﷺ أَنْ أَتَعَلّمَ لَهُ كَلِمَاتٍ مِنْ كِتَابِ يَهُودَ وَقالَ إِنّي وَالله مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي، قالَ فَمَا مَرّ بي نِصْفُ شَهْرٍ حَتّى تَعَلّمْتُهُ لَهُ”. فتعلم هذه اللغة في خمسة عشر يومًا فقط، ولا شك في أن ما وصلوا إليه من القوة والتمكين في الارض واستحقاقهم للرضا الإلهي كان العلم من أحد أسبابه، فالعلم يجلب الخشية والخشية تجلب الرضا قال تعالى ” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ “[فاطر: 28]

 

ولا شك أن سبب استخلافنا في الارض هو قدرة العقل البشري على التراكم المعرفي الذي يترتب عليه إعمار الأرض، وهذا يتميز به الانسان عن باقي المخلوقات، فلا ينبغي أن نهمل الشيء الذي تميزنا به وإلا فما الفرق بيننا وبين باقي المخلوقات.[أشار إلى ذلك عالم الرياضيات الأمريكي البروفيسور جيفري لانج في حديثه عن قوله تعالى “وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا” أثناء روايته لقصة إسلامه]

 

لذلك يجب علينا أن نتعلم العلم المفيد للمجتمع، فلا ينبغي أن نترك تعلم – العلوم الشرعية واللغوية والرياضيات والفيزياء والكيمياء والاقتصاد والطب…الخ- ونتعلم النظريات العلمية الخاطئة والأكلات الشعبية وفنون الازياء…الخ- فهذا ينشر الانحطاط الفكري ويهدم المجتمع، ولا يمكن أن تقوم حضارة على هذه الترهات.

 

لذلك أقول: إن الحضارة لا تقوم بشعب مغيب فكرياً ومتخلف علميا.


Be the first to write a comment.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *