By / 10 مارس، 2022

إتقان المسلمين لفنون القتال وعلوم الحرب..الروح المعنوية.

صهيب مقداد

إن المتتبع لمعارك المسلمين الأولين وخططهم وانتصاراتهم يشعر وكأنهم أمة تربت على الحرب والقتال وأن قادتهم تخرجوا من أفضل الكليات الحربية، فإن لهم من الخطط الحربية والمناورات القتالية ما يدعونا للعجب والنظر إليهم نظرة التقدير والإكبار.

فعرف المسلمون الكر والفر ودهاليز النفس البشرية وكيف يدخلون الرعب في قلوب خصومهم وأعدائهم وكيف يصبّرون أنفسهم وقت البلاء حتى إذا همت النفس إلى الفرار منعوها من فعل ذلك، وكبّلوها بعزمهم، ودفعوها للصمود دفعًا، بالشعر والمراوغة وعمل العجائب، ومما صنعوه في ذلك:

١-الشعر: للشعر أغراض وأهداف وأنواع ومن الشعر ما هو للفخر والإعتزاز وللحرب والعزة، وقد أطلقوا الشعر وأبياته في حروبهم قبل الإسلام وغزواتهم بعد الإسلام، وأنظر حين كان معاوية بن ابي سفيان-رضي الله عنه في صفين- حيث قال: لقد هممت بالفرار(يوم صفين)، فما منعني من ذلك إلا قول ابن الأطنابة:

أبت لي عفتي، وأبى بلائي

وأخذي  الحمد بالثمن الربيح

واقحامي على المكروه نفسي

وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

لأدفع عن مآثر صالحات

وأحمي بعد عن عرض صحيح

٢-النساء: لعبت النساء أيضًا، في التاريخ العربي والإسلامي دورًا بارزًا في دعم الجيوش وإمدادها ورفع الروح المعنوية للرجال المقاتلين ومن أشهرهن الصحابية هند بنت عتبة-رضي الله عنه- فقد كانت من أشد المحرضين على قتال المسلمين يوم أحد ومنعهم من الفر، وذلك قبل إسلامها، وقد تزعمت نساء قريش إذ ضربن بالدفوف وأنشدن:

نحن بنات طارق

نمشي على النمارق

إن تقبلوا نعانق

وإن تدبروا نفارق

٣-الخطط الحربية:

تهربنا الكثرة في الحروب، ويقل عزم الجنود والقادة إن رأو الجيش المقابل يفوقهم عددًا وعدة، وهذا ما أدركه الصحابي الجليل القعقاع بن عمرو التميمي وقام بترجمته إلى فعل وواقع في معركة القادسية الشهيرة بين المسلمين والفرس، حيث توجه بجيشه الذي كان تحت أمرته نحو أرض المعركة في ثاني يوم، وهو يوم أغواث، والذي كان قوامه ألف فارس، فقام بوضع خطته وقسم جيشه إلى أعشار، وأن تبعد المسافة بين كل عشر وآخر وأن لا تتحرك مجموعة إلا بعد أن تشاهد المجموعة التي سبقتها تصل إلى أرض المعركة، وتقدم على رأس العشر الأولى ووصل في يوم أغواث، ثم بشّر المسلمين بقدوم المدد.

وأعاد الكرة في اليوم الثالث من المعركة، فقام بتسريب الألف الذين كانوا معه من الجيش دون أن يشعر بهم أحد إلى مكان يبعد قليلا عن المعركة، وهو يقول لهم: «إذا طلعت الشمس فاقبلوا مئة مئة، كلما توارت مئة تبعتها المئة الأخرى، فإذا جاء هاشم بن عتبة بمن معه من الجيش فذاك هو المراد، وإلا جددتم على الناس رجائهم».. وكان يخشى أن يتأخر مدد هاشم بن عتبة عن الوصول، قادمين من الشام.

وكما قالت العرب: ليس كصدق الحال دليلًا على صدق المقال.. فالحال الذي كانوا هم به، يثبت ويأكد أنهم أمة عرفوا الحرب وخططها حق المعرفة.


Be the first to write a comment.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *