لكي يتم قبول إجراء غير مقبول يجب أن يتم تطبيقه بصفة تدريجية، وقد تم الاعتماد على هذه الطريقة لفرض الظروف السوسية التي تجعل المجتمع ينهار من الداخل، وقد طُبقت في الماضي وإلى الآن تُطبق ونحن في القرن الواحد والعشرون ومن هذه القرارات على سبيل المثال.
قرار تحرير المرأة ولا أدري هل كانت المرأة مقيدة قبل ذلك؟ أم انهم يستخدمون هذا اللفظ لنشر العري وإشباع غرائزهم الحيوانية وإشاعة الفاحشة في المجتمع المؤمن؟ ومع ذلك فلم يصلوا إلى مرحلة الحرية المفرطة دفعة واحدة فلو نظرنا إلى الحلة التي وصل إليها المجتمع من سفور وعري لأصابك الذهول وقلت في نفسك كيف وصلنا الى هذه الحالة التي لا يقبلها مجتمع إسلامي، ثم إذا عرضة سلسة الاحداث أمامك لوجدت إنك لم تستيقظ لتجد أن الحجاب قد نزع، والملابس شبه عارية، ولكن حدث ذلك بالتدريج، وقد ذكر الأستاذ – محمد قطب – ذلك في كتابه واقعنا المعاصر حيث قال: وبدأ ذلك في المدارس (يعني تقصير الملابس) حيث قصروا (المريلة) قليلا وقالوا الجورب يغطي ما كشفته (المريلة) فماذا يحدث؟ ثم قصروا (الكم) وقالوا هل هناك مانع سنتيمترات قليلة لا تقدم ولا تؤخر وبعد الاعتياد على الأمر يعودوا فيقصروا (الاكمام) و(الزيل) و(الجورب) بضعة سنتيمترات أخرى وينكشف ما أمر الله بسترة ثم يقولون: إن العبرة بالأخلاق وليست بالملبس، وإن الله ينظر إلى قلوبكم واستمرت على هذا المنوال حتى وصل المجتمع الى هذا العري السافر الذي لم يكن المجتمع ليقبله لو طبق جملة واحده.
أما الصحافة فقد بدأت بالتدريج أيضا، ففي البداية خصصوا ركنا للمرأة يقدمون فيه النصائح، وتبدأ في غاية العفة فيقدمون عن كيفية تزين المرأة لزوجها، ثم يقدمون كيفية التعامل مع الزوج، ثم بدأوا بالنصائح المصورة، لأن الرسم من خصائص الصحافة، ثم سلكوا هذا الطريق حتى شاعت الصور العارية، وانتشر الانحلال الاخلاقي وانهدمت القيم، وقالوا لابد للمرأة أن تتزين مام الجميع حتى تجد من يتزوجها، وتناسوا قول الله تعالى ” وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أو آبَائِهِنَّ أو آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أو أَبْنَائِهِنَّ أو أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أو إِخْوَانِهِنَّ أو بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أو بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أو نِسَائِهِنَّ أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أو التَّابِعِينَ غَيْرِ أولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أو الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “1 وقس على ذلك الأفلام والروايات، على هذه الطريقة ساروا نحو مجتمع مفكك ومنهدم.
وأيضا عندما وضعوا قانون بمنع التظاهر الذي هو من حق الشعب وأثار هذا موجة من الغضب فقالوا للشعب لن نطبق هذا القانون لكن دعوه حتى لا تعم الفوضى، يريدون أن يتركوه فترة ثم يفضون المظاهرات التي تطالب بحق الشعب بالقوة ويريقون الدماء تحت مظلة القانون، ولكن وقف لهم مجموعة من الشرفاء ومنعوا تطبيق هذا القانون آنذاك، وفي نهاية المطاف فرضوا هذا القانون بالقوة.
وأيضا عندما وضعوا قانون ينص على أنه لا يحق لاحد أن ينشأ حزبا إلا إذا كان يمتلك مبلغ معين؛ حتى يستطيع أن يكفلوا الدعاية والقيام بمهام الحزب فلما فهم الشعب هذه اللعبة الخبيثة التي تؤدي إعطاء الفرصة لفئة دون اخرى لممارسة حقها في السياسة، ولكن أرادوا أن يلتفوا على الشعب فقالوا سنكفل لكم هذه المصاريف حتى يهدا الناس وبعد ذلك يوقفوا الدفع فلا يستطيع أن يكفل مصاريف الحزب فيقوموا بتفكيك الحزب، وكل ذلك تحت مسمى تطبيق القانون الذي وافق عليه الشعب وقس على ذلك قرارات كثيرة.
أدت هذه القرارات إلى (بطالة جزئيه – هشاشة في قوة ترابط المجتمع – تعاقد خارجي وتنازل عن الحقوق – رواتب لا تضمن العيشة الكريمة) ولو نظرنا لوجدنا أن كل قرار من هذه القرارات يؤدي الى ثورة لو تم تطبيقها دفعة واحدة، ولكن التدرج في أخذ هذه القرارات أدى الى ذلك بدون أي معارضه، وهذه الطريقة هي طريقة يلجؤون إليها من أجل إكساب القرارات المكروهة القبول داخل المجتمع، وحتى يتم تقديمها كدواء مؤلم لكن ضروري. ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل فدائما قبول التضحية بالمستقبل يكون أسهل من قبول التضحية بالحاضر وسبب ذلك: أن المجهود لن يتم بذله في الحال وأيضا لأن الشعب دائما يتوقع أن المستقبل سيكون أفضل وأنه بإمكانه أن يفادي التضحيات المطلوبة في المستقبل واخيرا يترك الشعب حتى يتعود على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين الوقت.
علشان كده بعد النظر والبصيرة غاية في الأهمية, والقوة الصارمة والثبات على الموقف في حال تبين أن هناك لعبة هو أمر غاية في الخطورة, وكل يوم أتحسر على عدم حسم تلك اللحظة أيام أبو إسماعيل, ياليته حملنا على المواجهة. سلسلة موفقة إن شاء الله وننتظر المزيد