أما هذه الاستراتيجية تستخدم لعدة أمور، منها: إحكام القبضة الأمنية، والتحكم في الشعوب، وإشغال الناس بأنفسهم، ونجد ان هذه الاستراتيجية مستخدمة بكثرة في الوطن العربي، فلو نظرنا الى الشعب العربي نجد أنه من يوم ولادته إلى أن يموت يمر بمشكلات مصطنعة يمكن حلها بقرار واحد، فنحن نرى أن المواطن عندما يذهب لمكتب لاستكمال أوراقه المطلوبة يتنقل بين المكاتب وقد يعود للمكتب الواحد أكثر من مرة وقد تكون المسافة طويلة بين المكتب والأخر، فيهدَر الوقت الثمين للمواطن في التنقل بين المكاتب، مع أن الحكومة تستطيع أن تنشئ منظومة لاستكمال الأوراق ويحدد وقت لتسليمة الأوراق المطلوبة، وهذا ما أشار إليه الاستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل في برنامجه الانتخابي، ولكن الغاية من عدم تفعيل ذلك القرار هو إلها الشعب بنفسة حتى لا يتفرغ لمحاسبة الحاكم.
ولو نظرنا أيضا لمشكلة البطالة نجد أنها مصطنعة ومقصودة؛ وذلك حتى يقضي الشاب وقته في البحث عن عمل يستطيع من خلاله أن يكون اسرة، ويظل الشاب يتنقل من هذا المجال إلى مجال آخر، فلا يستطيع أن يوفر بعض الوقت للقراءة والنظر إلى مشكلات الدولة ومحاسبة الحكومة، فلو ترك عمله يوما للمطالبة بحقة فلن يجد لقمة عيش يأكلها، لذلك لا تكاد تجد نظام مستبد خالي من البطالة برغم من وجود الامكانية لمحو هذه البطالة، وذلك من خلال إنشاء مشاريع جديدة تنمي اقتصاد الدولة، وتوفر فرص العمل وتنهض بالمجتمع إلى أعلى درجات الرقي و التحضر والوعي ولكن لو أن الشعوب وصلة إلى هذه الدرجة من التحضر والوعي فلن يقبلوا بوجود ذلك المستبد.
ولو نظرنا إلى ما نحن فيه من تدني في الحريات إلى درجة تكاد تكون الحرية فيها منعدمة لوجدنا ذلك من ابتكار مشكلة مثل الحرب على الإرهاب، فبدأ المواطن العربي يقفد كرامته، ويحظى بقد كبير من الإهانة إذا وقع مصدرا للشك من قبل قوات الأمن، ويبدأوا في مصادرة حرية الرأي بدواعي نشر التطرف والحث على الإرهاب، كما يهجرون الناس من مساكنهم بدواعي الحرب على الإرهاب، والجميع يعلم أن هذا الإرهاب مصطنع، وقد تفجر المخابرات بعض القنابل لتبرر سلب حريات الشعب تحت مسمى الحفاظ على استقرار الدولة وتأمين المواطن من الخطر الذي يلاحقه.
وبعد أن وصل الشعب إلى هذه الحالة بدون أن يحاول محاكمة المفسدين المستبدين تجد هؤلاء المستبدون يُدخلون المواطن في أزمة مالية ليضمنوا عدم مراقبتهم، فبدأوا بابتكار أزمة اقتصادية وذلك من خلال إنشاء مشاريع فاشلة لا تستفيد منها الدولة، ثم تبدأ الدولة بالانهيار الاقتصادي، ثم يجبرون المواطن من دفع ضرائب أكثر من ذي قبل، وتزداد السلع فيقع المواطن في حالة مزرية من الفقر فينشغل بنفسه ولا يجول في خاطرة فكرة محاسبة هذا المستبد، وبذلك يستطيع هذا المستبد من التحكم في الوطن بدون حسيب ولا رقيب، وقد أشار إلى هذه الطريقة أحد الحكام المستبدين عندما قال ( جوع كلبك يمشي خلفك ) في اشارة منه إلى شعبة أنهم لو عاشوا في حالة من الرفاهية سيبدؤون بالتفكير في حقوقهم والمطالبة بها، لذلك تجد أن من أول الأشياء التي يفعلها المستبد تجويع الشعب.
والخلاصة تجد في البداية يبتكرون المشكلة لتثير رد فعل معين من قبل الشعب حتى يطالب الشعب الحكومة بحل هذه المشكلة ولو كان هذا على حساب جزء من مستحقاتهم .. وابتكار أزمة مالية حتى يتم تقبل التراجع على مستوى الحقوق المعيشية والاجتماعية وتردي الخدمات العمومية ثم يتم تكرار هذه الأزمات حتى لا يصبح للمواطن أي حرية يطالب بها فقد تنازل عنها بمقابل حل هذه المشكلات.
Be the first to write a comment.